روتيني الصباحي للتغلب على القلق: بداية اليوم من نقطة هدوء

 

روتيني الصباحي للتغلب على القلق: بداية اليوم من نقطة هدوء




القلق، ذلك الزائر الثقيل الذي لا يُرى، لكنه يُشعَر. لم يكن صباحي يومًا بسيطًا عندما كنت أعيش في ظلال القلق، حيث يبدأ يومي بشيء من الانقباض الداخلي، أفكار متسارعة، وتوتر غير مبرر في الجسد. كنت أستيقظ كأنني على موعد مع معركة، لا مع الحياة بل مع نفسي.

لكن، بفضل الله ثم بالتجربة، بدأت أبحث عن حلول صغيرة، بسيطة، طبيعية، تعيدني إلى "النقطة الصفر"، إلى اللحظة الحاضرة. فوجدت نفسي أبتكر روتينًا صباحيًا، لا يُشبه الطقوس المعقدة، بل يمزج بين الهدوء، والبساطة، والرعاية الذاتية. روتين صُمّم خصيصًا لترويض القلق دون صراخ أو صدام.

الخطوة الأولى: الاستيقاظ بدون عدو داخلي

كنت أفتح عيني وأمدّ يدي لهاتفي فورًا، أتحقق من الإشعارات، الأخبار، والمواعيد، وكأنني أستقبل قنبلة توتر في الدقيقة الأولى. والآن، أبدأ يومي بشكل مختلف. حين أفتح عيني، أتنفس ببطء. لا شيء يجب أن يحدث الآن. أقول لنفسي: "أنا هنا. وهذا الصباح جديد. ولن أسمح للقلق أن يسرقه مني."

أخصص دقيقة أو اثنتين فقط للهدوء. لا هاتف، لا قلق، فقط تنفس. هذا التنفس وحده يعيد توازنًا بسيطًا لكنه فعّال جدًا. وبعدها، أقوم من الفراش ببطء، كمن يحمل نفسه برفق، لا كمن يُلقي بها في زحام الحياة.

الخطوة الثانية: الماء… الحياة تبدأ من الرشفة الأولى

أول شيء أفعله هو شرب كوب من الماء الدافئ. الماء لا يوقظ الجسد فقط، بل يهديء المعدة، ويعطي شعورًا بالاستقرار. أحيانًا أضيف إليه قطرات من الليمون الطازج إذا أردت انتعاشًا لطيفًا، لكن الأساس هو الماء النقي، الدافئ، الهادئ… تمامًا كالصباح الذي أبحث عنه.

الخطوة الثالثة: كوب بابونج للقلق

على غير العادة، أنا لا أبدأ يومي بالقهوة. مع حبي لها، إلا أنني لاحظت أن الكافيين يعزز التوتر عندي، خاصة في الساعات الأولى. لهذا السبب، اخترت مشروبًا بسيطًا، طبيعيًا، وفعّالًا: شاي البابونج.

أعده بنعومة: ملعقة صغيرة من أزهار البابونج، ماء مغلي، 5 دقائق منقوعًا فقط. لا أكثر. ثم أضيف إليه أحيانًا ملعقة صغيرة من العسل. أشربه ببطء، وأنا جالس في ركن هادئ من البيت. أشعر أنه ليس مجرد مشروب، بل جلسة علاج نفسي صغيرة. في كل رشفة، أشعر أن جزءًا من التوتر يذوب.

الخطوة الرابعة: تنفّس متعمد… لا شيء أعظم من الأوكسجين

بعد كوب البابونج، أجلس لدقيقتين فقط. أغمض عينيّ، وأمارس تنفسًا بسيطًا جدًا:

  • شهيق عميق 4 ثوانٍ
  • احتباس النفس 4 ثوانٍ
  • زفير بطيء 6 ثوانٍ

أكرر هذه الدورة 4 مرات. ولا أبالغ إن قلت إن هذا التمرين البسيط غيّر صباحي بالكامل. كأنني أخبر جسدي: "اطمئن، لا يوجد خطر، نحن بخير."

الخطوة الخامسة: كتابة تفريغ القلق

أحمل دفترًا صغيرًا، لا أسميه "مذكراتي" بل "صديقي". أكتب فيه ما أشعر به دون رقابة. لا أبحث عن أدب، فقط أكتب:

"أنا قلق من كذا… أشعر بكذا… لكنني سأواجه، سأهدأ، سأتحسن. إن شاء الله."

هذه الكلمات تخرجني من رأسي إلى الورق. وكأنني أنقل التوتر من صدري إلى الصفحة. شعور مريح، ويحررني قبل أن يبدأ الزحام اليومي.

الخطوة السادسة: لا للمشتتات… نعم للسكينة

أحاول ألا أفتح الهاتف إلا بعد أن أكون هيأت نفسي. لا أشاهد الأخبار، ولا أتصفح وسائل التواصل في أول 30 دقيقة. أبدأ يومي بنفسي… لا بالعالم.

ثم، إذا كان لدي وقت، أخرج للمشي الخفيف. لا مشي سريع، ولا ركض. فقط خطوات بطيئة في الهواء، أو حتى شمس الصباح من نافذتي تكفيني. المهم أنني أتحرك، أتنفس، وأقول: "أنا حاضر. أنا أستحق صباحًا هادئًا."

الخلاصة: القلق لا يُقتل، لكنه يُروّض

روتيني الصباحي لم يعالج القلق بشكل نهائي، لكنه ساعدني على أن أبدأ يومي من نقطة توازن. لم أعد أسمح للقلق أن يتحكم في مزاجي من الدقيقة الأولى. بل أنا من يحدد كيف يبدأ اليوم. وهذا التغيير، وإن بدا بسيطًا، إلا أنه يصنع فرقًا حقيقيًا على المدى الطويل.

لكل من يعاني من القلق صباحًا، أقول لك: جرب هذا الروتين. اختر منه ما يناسبك. لا تحتاج إلى طقوس معقدة، فقط بعض النية، والهدوء، والبابونج.


كتبه: شخص كان يفتح عينيه على الخوف، وأصبح يبدأ صباحه بشيء من السلام
قسم: قصص الأمل

تعليقات