كيف ساعدني السيرترالين على التغلب على الرهاب الاجتماعي: تجربتي مع العودة بعد انقطاع


كيف ساعدني السيرترالين على التغلب على الرهاب الاجتماعي: تجربتي مع العودة بعد انقطاع




في حياة من يعاني من الرهاب الاجتماعي، كل موقف بسيط قد يتحول إلى تحدٍ كبير: الحديث أمام جمع من الناس، نظرات الآخرين، حتى السلام العابر قد يسبب توترًا شديدًا. لطالما كانت هذه مشكلتي. ووسط محاولات متعددة للعلاج، وجدت في السيرترالين (Sertraline) حلاً حقيقيًا، رغم أن الطريق معه لم يكن سهلًا دائمًا.

محطتي الأولى مع السيرترالين

أول مرة تناولت فيها السيرترالين، كنت في وضع نفسي صعب. كنت أعاني من قلق دائم، وتجنب شبه كامل للمواقف الاجتماعية. حتى الجلوس في غرفة فيها أكثر من شخص واحد كان يرهقني. وبعد تشخيص حالتي بالرهاب الاجتماعي المصاحب لقلق مزمن، وصف لي الطبيب السيرترالين كجزء من خطة العلاج.

في البداية، واجهت بعض الأعراض الجانبية: اضطراب في النوم، صداع خفيف، وزيادة طفيفة في القلق. لكن بعد مرور أسبوعين تقريبًا، بدأت أشعر بتغير. أفكاري بدأت تهدأ، والتوتر في المواقف الاجتماعية بدأ ينخفض تدريجيًا. بدأت أجرؤ على إبداء رأيي أمام الآخرين، دون أن ينهار قلبي من الخوف. كانت التجربة بطيئة، لكنها واعدة.

لماذا توقفت؟

كثيرون مثلي يرتكبون خطأً شائعًا: التوقف عن الدواء فجأة بعد التحسن. وهذا ما فعلته. شعرت أنني بخير، فظننت أنني لم أعد بحاجة إليه. توقفت دون استشارة الطبيب، ودون خطة تقليل تدريجية. وكانت النتيجة أني بعد أشهر قليلة، بدأت الأعراض تعود… وبقوة.

عاد الخوف من الكلام. عادت دقات القلب المتسارعة عند مقابلة الغرباء. وعادت تلك الفكرة المؤلمة: "ماذا لو سخروا مني؟ ماذا لو قلت شيئًا غبيًا؟" كنت أراقب نفسي وكأنني على وشك الفشل في كل تفاعل بسيط.

قرار العودة إلى السيرترالين

القرار لم يكن سهلًا. كنت أشعر بالهزيمة، وكأن عودتي إلى الدواء تعني فشلي في التقدم. لكن الحقيقة أن العودة للعلاج لم تكن ضعفًا، بل كانت علامة على نضوجي في فهم حالتي. عدت إلى الطبيب، شرح لي أهمية الانتظام، وبدأت من جديد بجرعة منخفضة، ثم تم رفعها تدريجيًا.

تجربتي الثانية: أعمق وأكثر وعيًا

هذه المرة، كانت تجربتي مختلفة. لم أعد فقط أنتظر التحسن، بل كنت أراقب نفسي بوعي. كل تقدم صغير كنت أحتفل به: قدرتي على إجراء مكالمة هاتفية دون خوف، أو حضوري لقاءً دون الانسحاب فجأة.

السيرترالين ساعدني بوضوح في تهدئة التوتر الداخلي. لم يعد صوت الخوف عاليًا كما كان. صار بإمكاني الخروج من المنزل دون التحضير الذهني الطويل لكل خطوة. أصبحت قادرًا على التواصل مع الآخرين بشكل طبيعي نسبيًا، بل وبدأت أستمتع ببعض التفاعلات.

التحديات لم تغب

بالطبع، لم يكن كل شيء ورديًا. في الأسابيع الأولى بعد العودة للدواء، واجهت بعض تقلبات مزاجية، وكنت أحيانًا أشعر بقلق مفاجئ. لكن هذه الأعراض كانت مؤقتة، ومع الوقت بدأت تختفي تدريجيًا.

كذلك، كان عليّ أن أواجه نقد نفسي الداخلي، ذلك الصوت الذي كان يقول لي: "أنت ضعيف لأنك تحتاج دواءً لتتحدث مع الناس." تعلمت أن أوقف هذا الصوت. لأن استخدام الدواء ليس ضعفًا، بل هو شكل من أشكال الرعاية الذاتية.

ما تعلمته من التجربة

  • الاستمرارية أهم من البداية: ليس المهم فقط أن تبدأ بالعلاج، بل أن تلتزم به، حتى عند الشعور بالتحسن.
  • الصبر مفتاح التحسّن: الأدوية النفسية تحتاج وقتًا لتعمل. لا تنتظر نتائج فورية، ولا تستسلم سريعًا.
  • العودة للعلاج ليست فشلًا: أحيانًا نحتاج أن نعيد الكرة، بخطوات أكثر وعيًا ونضجًا.
  • الدعم النفسي لا يقل أهمية: الحديث مع طبيب، أو صديق، أو حتى الكتابة، يخفف الحمل النفسي كثيرًا.

ختامًا: رحلة مستمرة

اليوم، وبعد أشهر من العودة إلى السيرترالين، أشعر بتحسن حقيقي. لست خاليًا من القلق، لكنني لم أعد أسيره. أواجه، أتنفس، وأتقدم. قد أتعثر أحيانًا، لكنني لم أعد أختبئ.

إن كنتَ تمر بتجربة مشابهة، وتفكر في العودة إلى علاج توقفت عنه، أو تشعر بالخجل من حاجتك لدواء نفسي، تذكّر أن الاهتمام بنفسك هو شجاعة، لا هروب.

رضا – مدونة سايكو

تعليقات