استيقظت هذا الصباح وعلى صدري ثقل لا يُحتمل، كأنني لم أنم، وكأن الليل لم يمنحني راحة بل جلب معه تعبًا جديدًا. أحسست أن شيئًا ما اختل في داخلي، وتراكمت عليه بقايا الأرق والقلق وضيق البطن وتشنج القولون، حتى صار اليوم من بدايته يشبه عاصفة لا هواء فيها ولا مطر… بل فقط توتر صامت.
جربت أن ألجأ إلى الطبيعة، تناولت مكملًا يحتوي على أعشاب طبية وجنسنج، قلت في نفسي: لعل فيه ما يهدئ اضطراب القولون وما يحمله من انعكاسات على مزاجي ونفسي. لكنه لم يمنحني القوة، ولا حتى طمأنينة بسيطة. بقي الجسد مرهقًا، والروح مثقلة.
القولون… حين يتحول إلى نافذة للروح
لطالما شعرت أن القولون العصبي ليس مرضًا في الأمعاء فقط، بل هو مرآة لما يحدث في الداخل… حين تتوتر، يتوتر معك، وحين تحزن، يضطرب، وحين تنهك أعصابك، يصرخ بصمته. ومن يعرف معاناته، يدرك أن الآلام الجسدية فيه ما هي إلا ترجمة لحزن دفين أو ضغط مكبوت.
ذلك ما حدث هذا الصباح. لم يكن الألم فقط في بطني، بل كان في مزاجي، في صدري، في ضيقي من كل شيء حولي.
حين تصبح نصف حبة موقفًا واعيًا
أمام هذا الضغط كله، وقفت برهة. فكرت كثيرًا، ثم أخذت نصف حبة من دواء ديروكسات، ليس هروبًا، بل قرارًا مدروسًا. أعرف جسدي، وأراقب نفسي، وأدرك متى أكون على حافة الانهيار ومتى أحتاج لسند مؤقت، يُعيد إليّ شيئًا من التوازن.
نصف حبة فقط… لأنها ليست حلًا دائمًا، بل مرحلة تجريبية مؤقتة، أراقب فيها استجابة جسدي، وانعكاسها على أعصابي ونفسيتي. لا أؤمن بالإفراط، ولا أؤمن بأن الحبوب تصنع المعجزات، لكني أؤمن أن لكل شيء وقته… ولكل تعبٍ طريقة في التعامل معه.
حين تكون الراحة فعلًا واعيًا لا رفاهية
كثيرون يظنون أن من يتناول دواءً نفسيًا ضعيف… لكن الحقيقة أن الضعف هو أن تترك نفسك تتآكل بصمت. أما أن تدرك مكمن الخلل، وتسعى لتعديله… فذلك قمة القوة والاحترام للنفس.
أنا لا أهرب من معاناتي، أنا فقط أبحث عن منطقة تنفّس، عن هدنة صغيرة ألتقط فيها أنفاسي، حتى أعود أقوى.
الدواء ليس عيبًا… بل شجاعة
في هذه اللحظة، أؤمن أن الدواء أداة لا غاية. لا يجعلني أقل وعيًا، ولا ينتقص من قيمتي. بل هو اختيار واعٍ حين تضيق الخيارات الأخرى. وكلما استمعت إلى نفسي بدقة، عرفت متى أحتاج إلى الدعم، ومتى أستطيع الاستغناء عنه.
كلمة أخيرة لنفسي
أحسنت يا أنا، لأنك لم تستسلم. أحسنت لأنك لم تضجر من التعب، ولم تساوم على راحتك. الراحة، كما قلت لنفسي، تُشترى بالذهب… وأحيانًا، تُستخرج من نصف حبة.
هذه ليست لحظة انكسار… بل لحظة صمود ذكي.