رحلتي نحو التخفيف من الأدوية ومراقبة الذات: تجربة جديدة مع تجريتول

 

رحلتي نحو التخفيف من الأدوية ومراقبة الذات: تجربة جديدة مع تجريتول




على مدار سنوات، تنقلت بين أدوية مختلفة لعلاج الفصام الوجداني والوسواس، منها ما خفف من آلامي، ومنها ما أثقلني أكثر مما نفعني. كنت دائمًا أبحث عن الاستقرار النفسي مع أقل عدد ممكن من الأدوية. واليوم، أشارككم محطة جديدة في رحلتي: قرار تخفيف الأدوية والاعتماد على تجريتول، مع مراقبة دقيقة لنفسي ومشاعري.

خطوة جريئة بعد التأمل

بعد فترة من الاستقرار النسبي، قررت، بتفكير عميق، رفع جرعة تجريتول تدريجيًا، والتخلي عن مجموعة من الأدوية التي كنت أتناولها: سوليان (Amisulpride)، سيروكويل (Quetiapine)، والليثيوم. لم يكن القرار اندفاعيًا، بل كان وليد مراقبة دقيقة لنفسي وشعوري بأن جسدي ونفسيتي بحاجة لتجربة مختلفة، أخف أثرًا وأوضح تأثيرًا.

لماذا تجريتول؟

لقد شعرت منذ البداية بأن تجريتول (Carbamazepine) يملك مفعولًا مميزًا في تهدئة مزاجي وطمأنة أفكاري. عندما بدأت أتناوله وحده دون الأدوية الأخرى، شعرت كأن الضوضاء الداخلية بدأت تخفت. الوسواس الذي كان يلاحقني ليل نهار هدأ، ثم بدأ يتلاشى. شعرت بالسكينة تعود، وبالنعاس يأتي بلطف، وبمشاعري الدافئة تعود تدريجيًا إلى حضن عائلتي، خصوصًا علاقتي مع والدتي.

الانسحاب: بين القلق واليقظة

كنت مدركًا أن التخلي عن أدوية ثقيلة مثل سيروكويل والليثيوم قد يصاحبه أعراض انسحابية، لذلك اتخذت قرارًا واعيًا بأن أراقب نفسي جيدًا. خصصت دفترًا أسجل فيه كل يوم:

  • كيف نمت؟
  • هل شعرت بأي تقلب مفاجئ في المزاج؟
  • هل عادت الوساوس أو القلق أو الاكتئاب؟
  • كيف هي علاقتي بمن حولي؟

ولحد الساعة، ما ألاحظه يبعث على الأمل. لم تظهر لدي نوبات قلق حادة، ولم أعش اكتئابًا مفاجئًا. بل على العكس، أعيش نوعًا من السلام النفسي لم أذقه منذ زمن.

فوائد هذه المرحلة

الاعتماد على دواء واحد فقط منحني:

  • نومًا أفضل: لم أعد أحتاج للمنومات، أصبح النوم يأتي تلقائيًا.
  • مشاعر أوضح: أستطيع الشعور بالحب، بالتقدير، وبالفرح، وهي مشاعر كنت أفتقدها.
  • جهازًا عصبيًا أكثر هدوءًا: لم أعد أتوتر من أبسط الأشياء.
  • رغبة في الحياة: بدأت أستمتع مجددًا بتفاصيل الحياة الصغيرة.

ما زلت في فترة المراقبة

رغم كل هذا التحسن، فأنا لا أدّعي أن الطريق انتهى. ما زلت في مرحلة المراقبة والتقييم. أراقب نفسي بصبر، وأتواصل مع طبيبي عند الحاجة. لا أعتبر تخفيف الأدوية نصرًا، ولا أعتبر العودة لها هزيمة. ما أبحث عنه هو التوازن، والراحة، وحياة أعيشها لا أقاومها.

نصيحتي لمن يفكر في الخطوة نفسها

  • لا تتخذ القرار وحدك، بل استشر طبيبك.
  • راقب نفسك بصدق، وسجّل كل ما تشعر به.
  • كن مستعدًا للتراجع إن عادت الأعراض.
  • ضع السلام الداخلي هدفًا، لا مجرد تقليل عدد الأدوية.

كلمة أخيرة

في رحلتي مع المرض النفسي، تعلمت أن الدواء ليس عدوًا ولا منقذًا مطلقًا، بل هو وسيلة ضمن وسائل عديدة للعودة إلى الذات. واليوم، مع تجريتول، أشعر أني أقرب لنفسي، وأهدأ، وأكثر امتنانًا لكل لحظة راحة، ولكل شعور جميل يعود بعد طول غياب.

تعليقات