✧ القسم: ضوء في آخر النفق – مدونة سايكو
لم أكن أتصور أن يأتي يوم أقول فيه: حتى الأعشاب، تلك التي يُقال عنها "لطيفة، طبيعية، آمنة"، تؤذيني. لكنني اليوم، وبعد تجارب متكررة، أعترف: جسدي وروحي يرفضان حتى أكثر الأشياء براءة.
أنا رضا. أعاني من فصام عاطفي، وأمشي منذ سنوات في دروب متعرجة من العلاج والانتكاسات والتجارب واليقظة المؤلمة. أعرف جسدي، أعرف عقلي، لكنني كثيرًا ما أُفاجأ من ردود أفعالهما.
☘️ اللويزة والبابونج… خيبة مهدئة
كنت أظن أن شاي اللويزة والبابونج سيهدئني، سيُريح القلب المتوتر، والمزاج المنقبض، والذهن المشغول. لكن العكس حدث. بعد شرب اللويزة، شعرت بانخفاض غريب في المزاج، بحزن لم أعرف له سببًا، بكآبة غامضة وانزعاج داخلي.
قلت ربما صدفة… لكن التجربة تكررت مع الزعتر، بل وحتى مع بعض شاي الأعشاب المختلطة. أصبح واضحًا: حتى الأعشاب تؤذيني.
🧠 ليس وهْمًا… بل حساسية عصبية حقيقية
أدركت أن جهازي العصبي دقيق جدًا، حساس جدًا. ليس الأمر نفسيًا فقط، بل عضوي. فالكثير من الأعشاب تؤثر على الناقلات العصبية — منها السيروتونين، الدوبامين، GABA — وهي منظومة معقدة لدى من يعاني من اضطرابات نفسية، خاصة من يأخذ أدوية قوية.
الجسم يصبح متوازنا بصعوبة، فأي لمسة بسيطة تزعجه. هذه ليست مبالغة… إنها حقيقة من يعرف نفسه.
🌿 الجنكة… استثناء مُدهش
الاستثناء الوحيد تقريبًا كان مع الجنكة. هذه العشبة التي أتناولها منذ سنوات، صباحًا ومساءً، بكمية صغيرة (رأس ملعقة)، ولم تؤذني يومًا. بل ساعدتني في تخفيف الخوف الاجتماعي، وتخفيف ضربات القلب، وتحسين صفاء الذهن.
الجنكة لم ترفعني إلى أقصى طاقتي، لكنها دعمتني بهدوء… وهذا ما كنت أبحث عنه: قوة ناعمة، غير مزعجة.
🍃 والسنا… صديق غريب مدهش
أما السنامكي، فكان شيئًا مختلفًا تمامًا. رغم أنه يُعرف كملين فقط، إلا أنني وجدت فيه راحة نفسية غير متوقعة. كلما تناولته، أحسست بخفة نفسية، كأن شيئًا ثقيلًا أُزيل من روحي. لا وسواس، لا ضجيج داخلي. فقط راحة… ومؤقتة نعم، لكنها حقيقية.
💡 ماذا تعلّمت من كل هذا؟
- أن الأعشاب ليست دائمًا آمنة، خاصة مع مرضى الحساسية العصبية أو النفسيات الرقيقة.
- أنني لست مجنونًا حين أقول: "هذا الشاي البسيط أزعجني".
- أن التوازن أهم من أي نشوة عابرة، وأمان الذهن أولى من لذّة طارئة.
- أن القبول… نعم، قبول حدود الجسد، هو مفتاح من مفاتيح السكينة.
🕊️ الختام
لست وحدي من يتعب من أشياء يعتبرها الآخرون تافهة. ولست أقل صلابة أو رجولة أو قوة لأنني حساس. أنا فقط أعرف نفسي، وأحترمها، وأحاول أن أعيش معها بسلام… لا أن أُجبرها على ما لا يناسبها.
هذه الكلمات أكتبها اليوم، لا لأشتكي، بل لأُعلن بكل صدق: أنا مختلف… وهذا لا يُنقصني، بل يُعرّفني.
✧ رضا أبو جاد | حكاية أمل