لم أعد أبحث عن التصديق… أنا أصدق نفسي وهذا يكفيني
في بداية الطريق، كنت أبحث عن من يُصدقني. عن من ينظر إليّ بعيون تفهم، لا تحكم. عن من يسمع صوتي الداخلي حتى حين أعجز عن التعبير، عن من يلمح ألمي بين السطور… دون أن أشرح كثيرًا.
كنت أظن أن الشفاء يأتي حين يُفهمني الآخرون، حين يُصدقون إحساسي، ويقولون: "نعم، أنت على حق… ما مررت به حقيقي." لكنني انتظرت طويلًا، ومرّ كثيرون… ولم يقل أحد ذلك. فبدأت أقولها لنفسي.
لقد تعبت من تبرير ما لا يُبرر
تعبت من شرح إحساسي لمن لا يملكون أدوات الفهم. تعبت من عرض قلبي كدليل أمام من لا يملكون إلا ميزان الشك. كنت كلما شرحت أكثر… شَعرت أنني أبتعد عن نفسي أكثر. فأدركت أنني في حاجة لأن أُصدق نفسي، لا لأن أُقنع الآخرين بها.
أنا لست بحاجة لتصديقهم… أنا أصدقني
اليوم، لا أبحث عن الاعتراف، ولا أحتاج إلى تأكيد خارجي على صدق تجربتي. أنا أعرف ماذا شعرت، وأين جرحت، وكيف قاومت، ومتى تعبت. أنا كنت هناك حين لم يكن أحد، أنا التي صبرت على صوتي الداخلي حين خذله الجميع.
لذلك، حين أقول: "أنا بخير اليوم"، لا أقولها لأن أحدًا أنقذني، بل لأنني أنقذت نفسي بالتدريج… حين قررت أن أصدقها أخيرًا.
صدق النفس هو بداية السلام
عندما توقفت عن لوم نفسي، بدأت أستمع لها. وعندما توقفت عن إسكات إحساسي، بدأ صوتي يهدأ. الطمأنينة لا تأتي من الخارج… بل من الداخل، حين تُقرّ أن ما مررتَ به كان ثقيلًا، وأنك لم تُبالغ، ولم تكن هشًا كما قالوا… بل كنت إنسانًا يحاول أن يفهم نفسه وسط زحام العالم.
ضوء في آخر النفق: أنا كافٍ… كما أنا
في نهاية هذا الطريق، لا أملك شهادات من أحد، ولا أوسمة تصديق من المجتمع، لكنني أملك يقينًا داخليًا أنني لم أعد بحاجة لذلك. أنا أصدق نفسي. أعرف ما شعرت، وما بذلت، وما جاهدت من أجله. وأعرف أن الله، وحده، كان معي في كل لحظة لم يصدقني فيها أحد.
وإن كفى الله، فمن أحتاج بعده؟ صدق النفس يكفي، ورحمة الله تغمر، وهذا وحده… ضوء النفق الذي كنت أبحث عنه منذ البداية.
إلى من لا يُصدقهم أحد اليوم…
لا تنتظر منهم أن يعترفوا بك، اعترف أنت بنفسك، كن أول من يقول: "أنا مررت بكثير… وأنا صادق… حتى وإن سُئِلت ألف مرة عن الدليل." صدقك مع نفسك هو أول عتبة في باب الشفاء. وما بعده، نور لا يُطفئه أحد.