حين امتدت يد الدواء لروحي: كيف أخرجني سبرالكس وأبليفاي من ظلام الاكتئاب

 

حين امتدت يد الدواء لروحي: كيف أخرجني سبرالكس وأبليفاي من ظلام الاكتئاب





في لحظة ما، لا يعود الإنسان يطلب أكثر من شعور بسيط: أن يكون بخير. أن يستيقظ دون ثقل على صدره، أن يرى النور دون أن يعتمه الألم الداخلي. لقد عشت طويلاً في ظلال الاكتئاب، وأعرف كيف تبدو الأيام حين تصبح الحياة بلا طعم، والليل بلا نهاية. لكنني اليوم أكتب هذه الكلمات وأنا في حالٍ أفضل، لا لأن الحياة تغيرت، بل لأنني وجدت التوازن الصحيح في الدواء: سبرالكس وأبليفاي.

بين الألم والتجربة

أنا رضا، أعاني من الفصام الوجداني، ومعه رافقني الاكتئاب كظلٍّ لا يفارقني. جربت أدوية كثيرة، بين مضادات الذهان، مثبتات المزاج، ومضادات الاكتئاب، وكانت الرحلة مليئة بالتعب، بالخوف من الانتكاسة، وبالرهبة من فقدان السيطرة على مشاعري.

كنت أتناول أحيانًا السيرترالين، وأحيانًا الليثيوم وسوليان وسيروكويل، لكن في مرحلة ما، وجدت نفسي مرهقًا من كثرة الأدوية، ومن الأعراض الجانبية التي لا ترحم. قررت أن أجرّب شيئًا آخر، شيئًا أبسط... وكانت تلك بداية التغيير.

العودة إلى الأساس: سبرالكس وأبليفاي

سبرالكس (Escitalopram) دواء مضاد للاكتئاب من فئة SSRI، وأبسط وأهدأ من كثير من الأدوية النفسية. أما أبليفاي (Aripiprazole) فهو مضاد للذهان من الجيل الثاني، لكنه في جرعات صغيرة، يعمل كموازن للمزاج ويكمل عمل مضادات الاكتئاب دون أن يخنق المشاعر أو يطفئ النفس.

عندما بدأت بتناولهما معًا، بجرعات معتدلة، شعرت أنني بدأت أخرج من العذاب خطوة بخطوة. لم يكن الأمر سحرًا، ولم أستيقظ فجأة سعيدًا، لكنني بدأت أتنفس بعمق لأول مرة منذ شهور. المزاج صار مستقرًا، الأفكار السوداء بدأت تنسحب، ولم أعد أرى في كل لحظة شبح الانهيار.

ما الذي تغير فعلاً؟

  • الهدوء الداخلي: لم يعد رأسي يعجّ بالأفكار الوسواسية التي كانت تنهكني.
  • النوم: صرت أنام بعمق أكبر، وبدون قلق مستمر من الغد.
  • العلاقات: بدأت أعود تدريجيًا إلى أحبتي، وبالذات والدتي، التي كانت علاقتي بها تتأرجح بسبب اضطرابي.
  • الطاقة: أصبح لديّ طاقة أنجز بها أعمالي البسيطة، وأن أخرج، وأن أضحك حتى لو لثوانٍ.

ليس الدواء فقط... بل الوعي

تعلمت أن الأدوية لا تعمل وحدها. هي تحتاج إلى المتابعة، والمراقبة الذاتية، والنية الصادقة في التغيير. سبرالكس وأبليفاي منحاني الأرضية، أما أنا، فكنت أحتاج أن أحرّك خطواتي. توقفت عن التعلق بالدواء وحده، وبدأت أفتح نافذتي نحو الأمل، أخرج قليلًا، أكتب، أتكلم مع من أثق بهم.

رسالة من القلب لكل من يعاني

ربما تمر الآن بما مررت به. ربما تشعر أن لا شيء سينقذك من الاكتئاب، وأنك جربت كل شيء ولم يتغير شيء. لكن ثق أن الأمل ليس بعيدًا. قد يكون الحل في تعديل بسيط في الأدوية، أو حتى في دواء واحد يناسبك أكثر من غيره. تجربتي تقول: لا تستسلم.

أنا اليوم أكثر هدوءًا، ليس لأن الحياة صارت أسهل، بل لأنني لم أعد وحدي في مواجهتها. معي دواء يناسبني، وطبيب يفهمني، وإرادة تريد أن تستمر.

رضا – مدونة "دروس من الأمل"

تعليقات