أدلل نفسي… لا لأنني أناني، بل لأنني أستحق

 

أدلل نفسي… لا لأنني أناني، بل لأنني أستحق




طوال سنوات، كنت أظن أن الاهتمام بنفسي هو أنانية. أن الراحة نوع من الكسل، والرحمة بالنفس ضعف. كنت أتعامل مع نفسي وكأنها آلة، يجب أن تتحمّل، تُنهي، تُصبر، وتُسكت صوتها كي لا تُزعج أحدًا.

كنت ألبي نداء الجميع، حتى لو كنت مُنهكًا. أهتم بمشاعر الآخرين، حتى لو على حساب مشاعري. أحاول أن أكون "جيدًا" في نظر الكل… إلا نفسي.

حتى تعبت… وبدأت أتعلم

جاء يوم لم أعد أتحمّل فيه. لم أعد قادرًا على إرضاء أحد، ولا حتى على إقناع نفسي أنني بخير. كنت مرهقًا من الداخل، مثقلًا بما لا يُقال، جائعًا للحب والهدوء والاحتواء… ولم أجدها إلا عندما التفتُّ إلى نفسي.

حينها بدأت أتساءل: لماذا لا أُعامل نفسي كما أُعامل أحبّتي؟ لماذا لا أقول لها: "أنتِ تستحقين الراحة، والاهتمام، والدلال"؟

الدلال ليس ضعفًا… إنه شفاء

بدأت أُدلل نفسي. لا ترفًا، بل استحقاقًا. أُعطيها وقتًا للراحة دون تأنيب، أسمح لها أن تبكي دون خجل، أن تفرح دون تبرير، أن ترفض دون أن تُشعر بالذنب.

بدأت أشتري لها شيئًا تحبه، أعدّ لها قهوتها كما تحب، أُهديها كلمات طيبة بدلًا من النقد المستمر. كنت أنا الشخص الذي انتظرته طويلًا ليحبني كما أنا.

ماذا يعني أن "أُدلل نفسي"؟

يعني أن أُعامل نفسي باحترام لا مشروط. أن أتوقف عن جلد الذات كلما أخطأت. أن أتقبل أنني إنسان، لا خارق، لا كامل، لا مثالي… بل كائن جميل يتعثر ويتعلم.

يعني أن أُراعي حدود طاقتي. أن أعتذر بلطف حين لا أستطيع. أن أقول "لا" عندما أشعر أنني أُستنزف. أن أختار من أُصاحب، وأين أضع قلبي.

ضوء في آخر النفق: أنا أستحق

حين بدأت أُدلل نفسي، لاحظت شيئًا مهمًا: أصبحت أكثر هدوءًا، أكثر حُبًا، وأكثر سلامًا مع الآخرين. فمن يُحب نفسه لا يُؤذي غيره، بل يتعلّم كيف يُحب بوعي، دون تضحية مفرطة.

فهمت أن الدلال لا يعني أنانية، بل شفاء من قسوة كنتُ أمارسها على ذاتي باسم القوة. أصبحت أقول لنفسي: "أنتِ لستِ عبئًا، أنتِ شخص ثمين، وله الحق أن يُدلل، أن يُحترم، أن يُحب… بدون شروط."

إلى من يلوم نفسه كثيرًا…

اهدأ قليلاً. أنت لا تحتاج أن تُعاقب نفسك كلما شعرت بشيء. ولا أن تُبرر ضعفك أمام من لا يعرف مقدار قوتك. أنت فقط تحتاج أن تلتفت إلى الداخل وتقول: "أنا أستحق أن أُحبني، أن أعتني بي، أن أُدللني… لأنني ببساطة: أستحق."

تعليقات