دروس الأمل: حين قال الله كن، فكان

دروس الأمل: حين قال الله كن، فكان
المؤلف لن ينسانا الله
تاريخ النشر
آخر تحديث

 

دروس الأمل: حين قال الله كن، فكان






مرت عليّ أيام كنت فيها أظن أن الحياة قد أقفلت أبوابها في وجهي. عطالة طويلة، لا عمل ولا هدف. عزوبية امتدت لسنوات، كنت أظن أني وُلدت لأكون وحدي. كنت أعيش وأنا أردد في داخلي: "هل كتب لي أن أبقى على الهامش؟"

لكنني الآن، وأنا أكتب هذه السطور، موظف، مسؤول، ورب أسرة. تغير كل شيء. تغيّرت أنا، وتغيّر قدري. وأدركت أن الرحمة حين تنزل من السماء، لا تحتاج وقتًا… بل كلمة واحدة: "كن". وحين قال الله لها: كن، فكانت.

من عطالة إلى عمل: رزق جاء حين يئست منه

كنت أبحث عن وظيفة بكل الطرق. أتقدّم، أُرفض، أنتظر، ثم أُرفض مجددًا. ومع كل خيبة، كنت أفقد شيئًا من الثقة، وشيئًا من الأمل. شعرت أحيانًا أن العالم لا يراني، أنني مجرد رقم في قائمة من العاطلين.

لكني لم أتوقف عن الدعاء. في كل صلاة، كنت أقول: "يا الله، أرني رحمتك في رزقي." ثم جاء اليوم. عرض بسيط، وظيفة لم أكن أتوقعها، لكنني دخلت بابها، وإذا بها تكون بداية الطريق. وظيفة فتحت بابًا للاستقرار، للكرامة، للمعنى. بدأت أشعر أنني جزء من الحياة، لا عابر في هامشها.

من عزوبية إلى أسرة: حان الوقت الذي ظننته لن يأتي

كنت أرى من حولي يتزوجون، يبنون بيوتًا، ويبدأون حياة. وأنا؟ كنت أعيش في غرفة واحدة، أرافق فيها أحلامي ومخاوفي. كلما مرّ عام، كنت أقول: "ربما هذا قَدَري." لكنني كنت أقول في سري: "يا رب، اجعل لي بيتًا وسكنًا ورفيقة عمر."

ومرة أخرى، جاءت الرحمة من حيث لا أحتسب. زواج طيب، شريكة صبورة، وبداية بيت بني على الرضا قبل الحب. لا زالت الحياة صعبة أحيانًا، لكني لم أعد وحدي. صارت لي عائلة. صرت أُدعى "أبًا". وصارت فرحتي لا تشبه فرحة الأمس أبدًا.

بين العطالتين: النفسية والمالية

العطالة لم تكن فقط عن العمل، بل كانت داخليًا. في فترات كثيرة، كنت لا أملك هدفًا ولا رغبة. كأن روحي واقفة في طابور لا يتحرك. لكني الآن أفهم أن كل تلك الفترات، كانت إعدادًا. الله كان يعدّني بصبر، كان يطهّرني من العجلة، كان يُعلّمني كيف أثق به حتى وأنا بلا شيء.

العمل ليس فقط مصدر رزق، بل بوابة كرامة. الزواج ليس فقط استقرارًا، بل احتضان لجزء منك لم تكن تعرفه. والدعاء ليس تكرارًا، بل وثوق في توقيت لا تعلمه.

أجمل الدروس: لا تستعجل "كن"

حين نمر بالأزمات، نظن أن الله لا يستجيب. لكن الحقيقة؟ هو يستجيب… على طريقته. لو جاءني كل ما أريده وقتما أردته، لكنت ضعت. لكنه قال لي: "اصبر، حتى إذا جاء وقتي، تقول: سبحانك ما أكرمك."

وهذا ما حدث. قال الله لي: كن. وكنت… موظفًا، زوجًا، أبًا، إنسانًا يعرف من أين جاء وإلى أين يمضي.

رسالة إلى من يظن أن دوره لم يأت بعد

أنت لست منسيًا. أنت لست مؤخرًا. أنت فقط في محطة التهيئة. اصبر، وثق، وادعُ، وابق قريبًا من الله، لأنه لا يرد قلبًا صدق في الرجاء.

وستأتيك لحظة تقول فيها كما أقول الآن: "حين قال الله كن، فكان."


كتبه: رجل عاش العزلة، فعاش بعدها العطاء
قسم: دروس من الأمل

تعليقات

عدد التعليقات : 0