أن تبتسم رغم الألم: كيف يصنع الأمل المعجزة

أن تبتسم رغم الألم: كيف يصنع الأمل المعجزة
المؤلف لن ينسانا الله
تاريخ النشر
آخر تحديث

 

أن تبتسم رغم الألم: كيف يصنع الأمل المعجزة



أن تبتسم، بينما داخلك يمتلئ بالكسر، ليس نفاقًا، بل قوة لا يراها كثيرون. عشت مع مرض الفصام سنوات كانت تمضي ببطء موجِع، أصارع فيها أفكارًا مرهقة، مشاعر متقلبة، وأصواتًا داخلية لا تهدأ. ومع ذلك، كنت أجد نفسي أبتسم في بعض اللحظات. لا لأنني بخير، بل لأنني متمسك بشيء اسمه: الأمل.

الألم لا يُلغى... لكنه يُروّض

لم أكن يومًا بطلًا خارقًا. كنت إنسانًا بسيطًا، يحاول أن يفهم ما يحدث في عقله. وفي كل لحظة ألم، كنت أبحث عن معنى، عن تفسير، عن منفذ. الألم لم يختفِ، لكنه لم يكن دائمًا بنفس الحدة. تعلمت أن أروّضه لا أن أهرب منه. أحيانًا بالكتابة، وأحيانًا بالبكاء، وأحيانًا بمجرد الصمت.

الأمل ليس حلمًا ورديًا

كثيرون يظنون أن الأمل يعني التفاؤل المفرط. لكنه في الحقيقة، اختيار يومي، أن تستيقظ وتقول: "سأحاول مجددًا"، حتى لو لم تشعر برغبة. هو ذاك الدافع الخفي الذي يدفعك لتنهض من سريرك، لتأخذ دواءك، لتذهب لجلسة علاج، لتتحدث إلى شخص تثق به.

معجزات صغيرة في التفاصيل

من المعجزات التي لا ينقلها الإعلام ولا تُكتب في الكتب: أن تنام ليلة واحدة دون كوابيس، أن تمرّ ساعة دون وساوس، أن تتحدث مع أحدهم دون خوف من الحكم عليك. هذه لحظات صغيرة، لكنها تشبه المعجزات في حياة شخص يعيش اضطرابًا نفسيًا مزمنًا.

أن تبتسم... إعلان بأنك أقوى مما ظننت

في أسوأ أيام المرض، حين كنت أشعر أني في قاع نفسي، كنت أبتسم لطفل في الشارع، أو ألقي نكتة لصديق، أو أستمع إلى موسيقى تبعث فيّ الراحة. في تلك اللحظات، لم أكن أمارس خداعًا، بل كنت أقول للعالم: ما زلت إنسانًا قادرًا على الفرح، ولو للحظات.

أشخاص أنقذوني دون أن يعلموا

أحيانًا نظرة رحيمة من طبيب، أو رسالة دعم من قارئ، أو تعليق على تدوينتي، كان كافيًا لأمنح نفسي فرصة يوم إضافي. نحن لا نحتاج دائمًا من ينقذنا، بل من يرانا دون أن يحكم. وقد تكون أبسط لمسة إنسانية، هي الشرارة التي توقظ أملاً جديدًا.

الابتسامة ليست إنكارًا... بل صمود

لم تكن ابتسامتي إخفاءً للواقع، بل إعلانًا أنني رغم كل شيء، ما زلت هنا. حين تبتسم وأنت تتألم، فإنك لا تُنكر الألم، بل ترفض أن يكون سيدك. هذه الابتسامة، هي قوة في أنقى صورها. وقد علمتني أنها أحيانًا أقوى من كل الكلمات.

من الألم نصنع رسالة

قررت يومًا أن أشارك قصتي، لا لأثير الشفقة، بل لأقول لمن يعاني: أنا مثلك، ولست وحدك. الألم حين يُروى، يفقد نصف ثقله. والشفاء لا يبدأ حين تتوقف الأعراض، بل حين تشعر أنك قادر على تحويل الألم إلى معنى، والضعف إلى اتصال إنساني صادق.

رسالة لمن يعاني الآن

إن كنت تمرّ بليالٍ طويلة، وثقل في صدرك لا يفهمه أحد، فاعلم أن هناك من يمرّ بما تمر به. لا تستسلم لصوت داخلي يقول إنك انتهيت. كل لحظة تمرّ بها الآن، قد تكون بداية لصفحة جديدة. وإن استطعت اليوم أن تبتسم، ولو للحظة، فهذه معجزة تستحق الاحتفاء.

خاتمة: الأمل يصنع الفرق

لم أتعافَ تمامًا، وربما لن أفعل بالمفهوم المثالي. لكنني أعيش اليوم بسلام أكثر، ووعي أعمق، وأمل متجدد. الأمل لا يغيّر الواقع فورًا، لكنه يغيّرنا نحن، لنستطيع أن نواجه الواقع بقلب أقوى. أن تبتسم رغم الألم، هو إعلان أنك اخترت الحياة. وأنا اخترتها — كل يوم.

ولمن يقرأ هذه الكلمات الآن... ربما كنت تحتاج فقط تذكيرًا بأنك قادر. وهذه هي رسالتي إليك.


تعليقات

عدد التعليقات : 0