ADS

حين خفّف الطبيب دوائي، شعرت أنني أقف مجددًا

حين خفّف الطبيب دوائي، شعرت أنني أقف مجددًا
المؤلف لماذا الشعر
تاريخ النشر
آخر تحديث

 

حين خفّف الطبيب دوائي، شعرت أنني أقف مجددًا




لم أكن أتخيّل يومًا أن تلك العُلب الصغيرة التي أتناول منها جرعاتٍ يومية ستصبح جزءًا كبيرًا من قصتي. كنت دائمًا أتناول أدويتي في صمت، أخشى أن أُفصح عنها، وأخاف أن أعيش بدونها. لكن اليوم، وأنا أكتب هذه الكلمات، عدد الأدوية التي أتناولها أصبح أقل، والجرعات التي كنت أراها ثقيلة تقلّصت إلى نصفها، وبعضها لم يعد ضروريًا.

لم يكن الطريق سهلًا. كانت بداية العلاج صعبة، مريرة، لا يمكن شرحها إلا لمن جرّب أن يعيش تحت وطأة القلق، والهلع، والضياع العقلي. كنت أعيش بين نوبات من الاكتئاب وذبذبات من القلق والرعب، أصارع نفسي، وأكتم الألم. وكان الدواء، رغم ثقله، هو القارب الذي أنقذني من الغرق.

كلّ تقليل في الجرعة كان أشبه بتجربة جديدة. أراقب نفسي: هل سأتراجع؟ هل ستعود الأصوات؟ هل سأعود إلى الصمت الطويل والانسحاب؟ لكن مع كل أسبوع يمر، كنت ألاحظ أنني لم أعد أضعف بدون الدواء كما كنت أظن. كنت أقوى. وكان داخلي يستعيد شيئًا من ذاته.

هناك من يعتقد أن التقدّم في العلاج هو فقط الشفاء الكامل. لكن الحقيقة أن التقدّم يبدأ حين تبدأ في استعادة السيطرة على حياتك، خطوة بخطوة، حتى لو كنت لا تزال تأخذ دواءً. أن تعرف متى تحتاجه، ومتى يمكنك تقليله — هذه حكمة لا يدركها إلا من تعلّم كيف يصغي إلى جسده ونفسه.

الطبيب الذي يتابعني، لم يغيّر خطة العلاج دفعة واحدة. كان يسمعني، لا ينظر فقط إلى الأعراض، بل إلى الإنسان خلفها. كان يسألني: "كيف تشعر؟" وليس فقط: "هل خفّت الأعراض؟" وهذا الفرق هو ما أعاد إليّ ثقتي بنفسي، وجعلني لا أخاف من التغيير.

حين خفّف الطبيب دوائي، شعرت أنني أقف مجددًا.
كأنني كنت مستندًا على عكاز، والآن أتعلم كيف أستخدم قدمي. لا زلت في الطريق، ولا أدّعي أنني شُفيت تمامًا، لكنني أقف، وهذا يكفيني الآن.

إلى من يقرأني الآن ويأخذ علاجًا نفسيًا:
لا تخجل من علاجك، ولا تتعجّل التخلص منه.
لكن حين تبدأ في تقليله، فاعلم أنك في لحظة فارقة. لا تنسَ أن تحتفل بها — ولو في قلبك.

تعليقات

عدد التعليقات : 0