ADS

الفصام بين الدواء والعلاج السلوكي: توازن لا بد منه

الفصام بين الدواء والعلاج السلوكي: توازن لا بد منه
المؤلف لماذا الشعر
تاريخ النشر
آخر تحديث

 

الفصام بين الدواء والعلاج السلوكي: توازن لا بد منه





كثيرًا ما يُطرح السؤال: هل يمكن للعلاج النفسي السلوكي أن يعالج الفصام؟ والإجابة التي لا يجب أن نتردد في قولها هي: لا، الدواء هو حجر الأساس في علاج الفصام. لكنه ليس كل شيء. فالعلاج السلوكي، والنفسي، والمعرفي، بل حتى التعبير الإبداعي — كلها تلعب دورًا لا يقل أهمية عن الدواء في مساعدة المريض على استعادة حياته.

أنا لا أكتب من فراغ. خضتُ تجربة مع الفصام، واجتزت نوبات حادة، ولا زلت في طريق المتابعة. أعلم تمامًا أن الدواء هو ما أوقف الأصوات، وما منع الانهيار، وما جعلني أنام ليلًا دون هلع. لكنه وحده لم يكن كافيًا لإعادة بناء الثقة، أو تنظيم علاقاتي، أو استعادة معنى لحياتي اليومية. هنا ظهر دور العمل، والكتابة، والنشاط، وحتى السلوكيات الصغيرة.

العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يُستخدم اليوم في كثير من برامج دعم مرضى الفصام. لا ليحلّ محلّ الدواء، بل ليكمل النقص. يساعدك على فهم ما يحدث داخلك، على التعامل مع المعتقدات الغريبة، مع الأفكار المزعجة. يعلمك كيف تميز بين ما هو واقعي وما هو مضخم بفعل المرض. وكيف تُعيد بناء حوارك الداخلي بشكل أكثر أمانًا.

الدواء يُعيد التوازن الكيميائي في الدماغ. هذه ليست فكرة رمزية، بل حقيقة بيولوجية. الفصام ليس فقط اضطرابًا في التفكير، بل اضطراب في التواصل العصبي داخل الدماغ. والدواء مصمم ليصلح هذا الخلل، ليهدّئ الفوضى التي تحدث على مستوى النواقل العصبية مثل الدوبامين.

لكن الدواء وحده لا يعلمك كيف تتكلم بثقة، ولا كيف تعود إلى الحياة الاجتماعية، ولا كيف تتعامل مع شعورك بالوصمة. هنا يأتي دور السلوك. حين تجلس في جلسة علاج نفسي، أو تكتب في مدونة، أو تعمل على موقع، أو حتى تخرج في نزهة منتظمة — فأنت تدرب دماغك على الحياة، وتبني أنماطًا جديدة تُكمّل ما فعله الدواء.

الراحة النفسية ليست دواء فقط، وليست إرادة فقط. بل هي توازن بين الاثنين. الدواء ينقذك من الانهيار، والعلاج السلوكي يساعدك على النهوض، والعودة إلى نفسك.

لكل من يعيش مع الفصام، أقول: لا تستغنِ عن دوائك، ولا تُهمل نفسك. ولا تظن أن العافية هي أن تترك العلاج. بل العافية الحقيقية أن تجد طريقك الخاص داخل العلاج. أن تدمج بين ما يصفه الطبيب، وما يساعدك في واقعك. فالدواء يعمل عمله، والسلوك يُكمل المسيرة.

أنا لست فقط حالة طبية. أنا إنسان. والدواء أراح جسدي، لكن الكتابة والعمل والسعي أراحوا روحي. ولهذا أكتب، ولهذا أؤمن أن التوازن هو سر النجاة.

تعليقات

عدد التعليقات : 0