ADS

حين يغلبني النعاس بعد الفجر

حين يغلبني النعاس بعد الفجر
المؤلف لماذا الشعر
تاريخ النشر
آخر تحديث

 

حين يغلبني النعاس بعد الفجر



لم أكن أنوي النوم. كان السهر يغريني، يرافقني كرفيق ألفته في ليالي التأمل والانشغال بالنفس والكتابة أو مراقبة حمامي. كنت مستمتعًا، دون هوس، دون قلق.

لكن بعد أن صليت الفجر، شعرت فجأة بأن شيئًا في داخلي يدعوني إلى الاستسلام. وكأن الجسد قال كلمته بعد أن طمأنته الروح. غلبني النعاس دون أن أستعد له، فاستسلمت له بنية هادئة، وكأنني أعود إلى شيء افتقدته طويلًا.

نمت قرابة خمس ساعات متواصلة. كان نومًا مريحًا، دون منوّمات، دون قهوة مركزة، ودون أفكار متسارعة. فقط سكينة بعد الصلاة، وشعور خفيف بأن كل شيء على ما يرام. لم يكن النوم هروبًا، بل كان عودة حقيقية إلى توازن الجسد والنفس.

في هذا الأسبوع من العطلة، شعرت أن الحياة منحتني فرصة صغيرة لأختبر نفسي في غياب ضغط العمل والقلق المعتاد. لا شيء يزعجني، لا صوت داخلي يؤرقني، ولا اضطراب يزعزع هدوئي. وكأن كل شيء اصطف ليعطيني هذا الصباح المختلف.

هذه التفاصيل الصغيرة، التي قد يمر عليها الكثيرون دون انتباه، هي عندي كنوز. لأن مَن عانى من الأرق المزمن، أو تأرجح النوم بفعل الأدوية أو الاكتئاب، يعرف كم هو ثمين أن تنام ببساطة بعد الفجر، دون مساعدة من شيء، سوى صفاء القلب بعد الصلاة.

لا يمكنني الحفاظ على هذا النمط دائمًا، فعملي كأستاذ صباحي يفرض إيقاعًا صارمًا، لكن أن أعيش هذه التجربة في يوم عطلة، وأشعر بذلك الاتزان... فهذا كافٍ لأشكر الله على هذه اللحظة.

في مثل هذه التجارب، أجد نفسي أعود للحقيقة التي دائمًا ما تعزّيني: أن التعافي لا يأتي دفعة واحدة، بل يتسلل في تفاصيل بسيطة. في نوم هادئ بعد الفجر، في غفلة عن المنبّه، في فرحة زغاليل جديدة، أو في لحظة صفاء مع خالقك.

هذه هي النفس حين تهدأ... لا تحتاج إلى شيء لتكون بخير، سوى القليل من الطمأنينة، وكثير من الثقة.

رضا أبو جاد | حكاية أمل

تعليقات

عدد التعليقات : 0