أيام بلا معنى... ودروس لم أكن أعلمها
تمرّ أيام لا شيء فيها يلفت النظر. لا أحداث، لا مشاعر واضحة، فقط فراغ ثقيل يملأ الساعات. هذا الفراغ كان يومًا ما عدوي الأول. كنت أشعر أنه أكبر دليل على أن حياتي بلا معنى. لكنني لاحقًا، وسط صمته الموحش، تعلمت دروسًا لم يخبرني بها أحد.
حين يصبح اليوم مجرد عبور
كنت أفتح عيني وأتساءل: ما الهدف؟ ما الفائدة من تكرار نفس الروتين؟ شعور باللاجدوى كان يسيطر عليّ في كثير من الأيام. لا رغبة، لا شغف، فقط محاولة أن أبقى على قيد الحياة. قد يبدو ذلك هزيمة للبعض، لكنه بالنسبة لي، كان شجاعة.
الفراغ ليس دائمًا فراغًا
في تلك الأيام الصامتة، بدأت ألاحظ ما لا يُرى. تفاصيل صغيرة: ضوء الشمس على الجدار، حركة ستارة مع الريح، صوت طائر في الصباح. الفراغ أحيانًا يعيدك إلى أبسط المعاني. كنت أظن أن القيمة تأتي من الإنجاز، لكنني تعلمت أن مجرد الوجود هو قيمة في ذاته.
مشاعر من تحت السطح
في الصمت، طفت إلى السطح مشاعر كثيرة كنت أهرب منها: حزن قديم، خيبة، خوف، وحتى أمل خجول. لم تكن تلك الأيام بلا معنى، بل كانت جلسة صامتة مع النفس. جلسة قاسية أحيانًا، لكنها ضرورية. منها بدأت أفهم نفسي أكثر، وأرى جذور ألمي بوضوح.
لا بأس أن تمرّ بيوم عادي
كنت أقسو على نفسي حين لا أفعل شيئًا "مهمًا". كأن عليّ أن أكون في حركة دائمة لأثبت أنني بخير. لكن الحقيقة أن الشفاء لا يعني دائمًا الإنجاز. الشفاء أحيانًا هو أن تمرّ بيوم هادئ، دون انهيار، دون دراما، فقط هدوء. وهذا كافٍ.
الدروس التي لا تُكتب في الكتب
من تلك الأيام العادية، خرجت بدروس ثمينة: أنني ما زلت هنا رغم كل شيء، أنني أستحق الحياة حتى دون إنجازات عظيمة، وأن الصمت لا يعني الموت، بل قد يعني تجددًا داخليًا لا يُرى. لم أتعلم هذه الدروس من مقالات أو نصائح، بل من التجربة الصامتة.
رسالة لمن يشعر بالفراغ الآن
إن كنت تمرّ بيوم تشعر فيه أنه بلا معنى، فقط تذكر: هذا لا يعني أن حياتك بلا قيمة. الأمل ليس دائمًا ناريًا، بل أحيانًا هو مجرد قشة تطفو على سطح يومك الباهت. تمسك بها، انتظر، ولا تستعجل المعنى. أحيانًا يأتي بعد صمت طويل.
خاتمة: للفراغ حكمة لا تظهر إلا بالصبر
ربما لا تبدو هذه الأيام مميزة، لكنها تبنيك بهدوء. في كل يوم صامت، أنت تضع حجرًا في أساس صمودك الداخلي. وحين يأتي الوقت، ستنظر إلى الوراء وتقول: "في تلك الأيام، كنت أتشكل دون أن أدري". حتى الأيام التي ظننتها بلا معنى... كانت تصنعك.
امنح نفسك إذنًا بالوجود، حتى لو لم تحقق شيئًا. فأنت لست آلة، بل إنسان يتنفس، ويصبر، وينتظر لحظة الضوء.