بين الراحة والعصبية: تجربتي مع سيروكويل حين أصبح الدواء عبئًا
في بدايات علاجي من الفصام، كان هناك كلام كثير حول دواء اسمه سيروكويل – 25 ملغ. يُقال عنه إنه مهدئ، يُساعد على النوم، ويُثبت المزاج. شعرت بالأمل. ربما تكون هذه الحبة الصغيرة حلًا يساعدني على تجاوز القلق والتوتر والتقلبات التي لا ترحمني.
في البداية: الهدوء الذي انتظرته
في أول الأيام، فعلاً بدأت أشعر بنوع من الراحة. النوم أصبح أسهل، والأفكار بدأت تهدأ قليلًا. كنت أظن أنني وجدت الحبة السحرية التي طالما بحثت عنها. لكن شيئًا في داخلي لم يكن مرتاحًا تمامًا… وكأن جسدي وعقلي كانا يُقاومان هذه السكينة الغريبة.
ثم بدأت العصبية… والضيق من الداخل
بعد أيام من الاستخدام، بدأت أشعر بعصبية غير مبررة. انفعال بلا سبب واضح. مشاعر متوترة، ونوع من الغضب الداخلي الذي لا أفهم مصدره. في البداية قلت لنفسي: "ربما هذه فترة مؤقتة وسيمر كل شيء". لكن الشعور استمر… وزاد.
لم أعد أجد الراحة في هذه الحبة، بل أصبحت أخاف من تأثيرها. كل مرة أتناولها، أتوتر بدل أن أهدأ. أنام أحيانًا، نعم، لكن قلبي مشغول، وعقلي لا يرتاح. بدأت أشعر أن هذه الحبة الصغيرة – بدل أن تساعدني – أصبحت عبئًا يوميًا يؤثر على نفسيتي أكثر مما يُعينني.
الوعي اللحظي… والقرار الصعب
في لحظة من الهدوء النادر، قلت لنفسي: "الحمد لله أنني تفطنت لهذا". لم أعد أرغب أن أستمر على شيء يزعجني. لم أعد أرغب أن أتناول شيئًا يجعلني أتوتر أكثر مما يُساعدني.
قررت أن أترك سيروكويل. ليس تهورًا، بل وعيًا. لأنني جربته، وعرفت كيف يُشعرني. أدركت أنني أستحق دواء يناسبني، لا يثقلني. وتركت الحبة، وأنا ممتن أنني عرفت نفسي أكثر.
ليس كل دواء يناسب كل شخص
هذه تجربتي. قد يُناسب سيروكويل غيري، ويكون سببًا في تحسن كبير. لكنني أؤمن أن العلاج النفسي رحلة شخصية، فيها ما يناسبك، وفيها ما يجب أن تبتعد عنه. لا عيب في التجربة. ولا خطأ في التراجع حين لا نجد أنفسنا في ما نستخدم.
اليوم، وأنا أكتب هذه الكلمات، أشعر براحة مختلفة. ليست من دواء، بل من قرار سليم اتخذته بعد تجربة واعية. وأقول لنفسي: "أحسنت. لقد استمعت لنفسك، ولم تُجبرها على ما يؤذيها".
✍️ بقلم: من داخل التجربة 📅 التاريخ: