حين تعلّمت أن الألم لا يسرق كل شيء
لم تكن نجاتي من الفصام والاكتئاب مجرّد علاج أو توقف نوبة. لقد كانت رحلة عميقة، لم تغيّرني فقط، بل أعادت تشكيل نظرتي لكل شيء. من بين أنقاض المرض والانهيار، بدأت ألتقط قطع الضوء الصغيرة، وأجمع منها دروسًا لم أتعلمها إلا في العتمة.
1. الأمل ليس وهماً... بل قرار يومي
كنت أعتقد أن الأمل شيء يأتي أو يختفي. لكن الحقيقة؟ الأمل لا يأتي، نحن نخلقه. نزرعه في صدورنا كل صباح، رغم الألم، رغم التكرار، رغم الخذلان. تعلّمت أن أتمسك به كما يتمسك الغريق بخشبة.
2. لا أحد يفهمك تمامًا... وهذا طبيعي
كنت أصرخ داخليًا: "لماذا لا يفهمني أحد؟ لماذا لا يرون ما أعانيه؟". ثم أدركت لاحقًا أن الألم الشخصي لا يُشرح، بل يُعاش. وأن الناس، مهما أحبّونا، قد لا يقدرون على استيعاب حجم ما نمرّ به. وهذا لا يعني أنهم سيئون... بل أنهم بشر.
3. كل شيء مؤقت... حتى الظلمة
مرت عليّ أيام شعرت أن لا مخرج منها. أن الحزن هو قدري، والقلق هو شكلي النهائي. ثم تغيّرت... ببطء، بصمت، بدون معجزة. فقط لأن الوقت مرّ. وكلما مرّ الوقت، تأكدت أن لا شعور يدوم، وأن حتى أسوأ لحظة لا تبقى للأبد.
4. الرحلة إلى الداخل أثمن من أي نجاح خارجي
كنت ألهث خلف نظرات الإعجاب، واعتراف الناس بي. لكن المرض أجبرني أن أختلي بنفسي. في وحدتي، وجدتني. وجدت ذاك الطفل الذي لم يُحتضن، والمراهق الذي لم يُفهم، والبالغ الذي حاول التماسك وهو منهار. هناك فقط، بدأت أشفى.
5. الألم مرآة... لا لعذابي، بل لعمقي
كل لحظة بكاء، كل خيبة، كانت تفتح داخلي بابًا جديدًا للمعرفة. الألم ليس عدوا، بل معلّم صارم. لا يربّت على كتفك، بل يدفعك لتواجه. لكنه أيضًا، يمنحك نظرة لا يملكها من لم يتألم.
6. لا بأس إن لم تكن بخير
واحدة من أعظم الحريات التي منحني إياها التعافي، هي أن أقول: "أنا لست بخير" دون خجل. أن أرتاح من قناع "القوة" وأسمح لنفسي أن أكون إنسانًا... يتعب، ينهار، ثم يعود.
7. الكلمات تُنقذ
حين كتبت أولى مقالاتي، كنت أكتب لنفسي. واليوم، أعرف أن كلماتنا، حين تكون صادقة، تصبح جسورًا. تعبر إلى قلوب الآخرين، وتنير لهم طريقًا قد ظنوا أنه مظلم للأبد.
وهكذا... بدأت أعيش
لست الشخص الذي كنت عليه، ولن أعود كما كنت. لقد تغيّرت... نعم، بفعل الألم، لكن أيضًا، بفضل الأمل. وما بين السقوط والنهوض، وجدت معنىً مختلفًا للحياة: أن نحمل أنفسنا بلطف، ونمشي، حتى لو كنا لا نرى النهاية.
في النهاية، هذه ليست قصة نجاتي فقط... بل درس كتبه الألم، وقرأه قلبي، وقررت أن أشاركه معك، علّه يُضيء طريقك أنت أيضًا.