رحلتي مع الدواء: حين تعلمت الإنصات لجسدي وروحي
لم أكن أعرف أن حبة صغيرة قد تغيّر يومك... أو حياتك. دخلت عالم الأدوية النفسية كما يدخل شخص غريب مدينة لا يفهم لغتها. خائف، مترقّب، ويائس. لكنني اليوم، وبعد سنوات من التجربة والخطأ، الألم والارتياح، أدركت أن هذه الرحلة لم تكن عبثية. كانت درسًا طويلًا في التوازن والثقة بالنفس والقبول.
1. البدايات المرتبكة
أول مرة وصفت لي الطبيبة دواءً مضادًا للذهان، شعرت وكأنني أُسلم نفسي بالكامل لشيء لا أعرفه. الخوف من الآثار الجانبية كان يوازي خوفي من المرض نفسه. لكنني وافقت... لأني كنت أريد فقط أن أهدأ. أن أنام. أن لا أسمع الأصوات. أن أتنفس بسلام.
2. تغير الجرعات... وتغيري أنا
مرت شهور كانت الجرعة تزيد، ثم تقل، ثم تتغير من دواء لآخر. جسدي أحيانًا يرفض، أحيانًا ينهار، وأحيانًا يتحمّل. كنت أشعر أنني فأر تجارب. لكن الحقيقة؟ كنت أتعلم شيئًا أعمق: أن أستمع إلى جسدي، وأوثّق حالتي، وأكون صادقًا مع طبيبي ومع نفسي.
3. ما بين الخدر والاستقرار
بعض الأدوية جعلتني أنام لأربعة عشر ساعة. بعضُها سرق طاقتي. وبعضها الآخر أعادني إلى الحياة. لقد فهمت مع الوقت أن "التوازن الكيميائي" ليس خرافة، لكنه أيضًا ليس وصفة سحرية. التغيير بطيء، والتعافي ليس خطًا مستقيمًا.
4. لا دواء يصنع المعجزة وحده
تعلمت أن الدواء هو مساعد... لا بطل خارق. من دون جلسات دعم، وكتابة، وتأمل، وتواصل مع ذاتي، ما كنت لأصل إلى هذا الحد من الوضوح. كان عليّ أن أفهم أن الشفاء لا يأتي من الخارج فقط، بل من الداخل أيضًا.
5. حين خفّت الأعراض... بدأت أكتشف نفسي من جديد
مع مرور الوقت، ومع استقرار حالتي على جرعة معينة، بدأت أعيش حياة لم أكن أعتقد أنها ممكنة. صرت أستيقظ دون كوابيس. أتناول طعامي دون وسواس. أخرج دون رهاب. شعرت أنني أستعيد "نسخة" من نفسي كنت أظن أنها ماتت.
6. وما زلت أتعلم
حتى الآن، أحيانًا أحتاج لتعديل الجرعة. أحيانًا أشكّ، وأحيانًا أضعف. لكنني الآن، أقف على أرضية أكثر ثباتًا. أرضية اسمها: "أنا أستحق أن أعيش بسلام، ولو ساعدني دواء على ذلك، فلا عيب في الأمر." بل هو شجاعة.
خلاصة الدرس
رحلتي مع الأدوية لم تكن سهلة، لكنها كانت ضرورية. لقد أنقذتني، وأعطتني مساحة لأن أعمل على نفسي. واليوم، لا أخجل من قول الحقيقة: أتناول دوائي كل يوم، لا كضعف، بل كفعل حبّ للذات... وثقة بالحياة.