أن تفهم جسدك وعقلك: مفاتيح التعامل مع الأدوية النفسية
في بداية علاجي من الفصام، شعرت أنني غريب داخل جسدي. لا أفهم تقلباته، لا أميز بين ما هو من تأثير الدواء وما هو من المرض نفسه. لكن مع الوقت، أدركت أن المفتاح الأساسي للاستمرار هو فهم العلاقة بين العقل والجسد خلال فترة العلاج.
الأدوية النفسية ليست مجرد مواد كيميائية
كثيرون يرون الأدوية النفسية كحبوب تُعدل المزاج وتنتهي القصة. لكن الحقيقة أعمق. هذه الأدوية تتفاعل مع كيمياء دماغك، تؤثر على هرموناتك، على نومك، شهيتك، وطاقتك. هي تدخل في أعماقك لتساعدك على العودة إلى توازنك، لكن هذه الرحلة تحتاج وعيًا وصبرًا.
الآثار الجانبية... تحدٍ لا يجب أن يُخيفك
شعرت في البداية بثقل في الجسم، نوم زائد، وخمول. خفت من أن يكون هذا هو حالي دائمًا. لكن الطبيب طمأنني أن كثيرًا من الأعراض تزول مع الوقت. وقد حدث فعلاً. بعض الآثار تحتاج فقط إلى التكيف، وبعضها يستدعي تعديل الجرعة أو الدواء نفسه. لا تخف من إخبار طبيبك بما تشعر به.
الاستماع إلى جسدك... مهارة لا غنى عنها
مع مرور الوقت، تعلمت أن أراقب نفسي. متى يزيد قلقي؟ هل أنا أنام أكثر من اللازم؟ هل تغير وزني؟ هل فقدت التركيز؟ هذه ليست شكوى، بل أدوات لفهم ما يدور داخلي. فهم الجسد أثناء تناول الدواء يُساعد على توازن أفضل، ويُجنّبك المفاجآت.
العقل أيضًا يتفاعل
العلاج لا يُهدئ الأعراض فقط، بل يعيد تشكيل طريقة تفكيرك. مع الوقت، بدأت أميز بين الأفكار الواقعية وتلك التي يُمليها عليّ المرض. لم يأتِ هذا فجأة، بل بتدريب مستمر ومراقبة. الدواء يفتح الباب، لكنني أنا من يجب أن أُكمل السير.
نمط الحياة شريك أساسي للعلاج
اكتشفت أن الدواء وحده لا يكفي. جسدي يحتاج غذاءً جيدًا، ونومًا منتظمًا، ومشيًا خفيفًا، وهوايات بسيطة. الدواء يعطيك الاستقرار، لكن نمط حياتك يمنحك القوة للاستمرار. العقل والجسد يعملان سويًا، ولا يمكن إهمال أحدهما دون أن يتأثر الآخر.
لا تتوقع الكمال... بل استقرارًا واقعيًا
لا يوجد دواء مثالي، ولا استقرار كامل. هناك أيام جيدة وأيام أقل. لكنني اليوم أعلم أنني لست وحدي، وأنني قادر على التعامل مع التقلبات. ما دمت أراقب نفسي، أستشير طبيبي، وأُعطي جسدي حقه، فأنا على الطريق الصحيح.
رسالة لكل من بدأ رحلة العلاج
افهم جسدك، أنصت لعقلك، وثق بأن الدواء ليس عدوًا بل أداة. لا تجعل الأعراض الجانبية تسرق منك فرصة الاستقرار. وكل تجربة تمر بها، حتى وإن بدت مزعجة، تُعلّمك كيف تعيش بشكل أفضل مع ذاتك.
الفهم هو أول أبواب الشفاء، والوعي هو الخطوة الأولى نحو الأمل.