ما بين تحسن كاذب وانتكاسة حقيقية: كيف أميز؟
في رحلة علاج الفصام أو أي اضطراب نفسي مزمن، نمر بلحظات نشعر فيها أننا بخير تمامًا، نشيطون، متفائلون، وربما مستعدون لترك العلاج. نسمي هذا أحيانًا "التحسن"، لكنه قد يكون في الحقيقة هدوءًا يسبق العاصفة، أو ما يمكن تسميته بـ "التحسن الكاذب". وهنا تكمن الخطورة.
ما هو التحسن الكاذب؟
التحسن الكاذب هو شعور زائف بالاستقرار. يبدو أنك على ما يرام، وربما تتوقف عن الدواء أو تقلل الجرعة، لكن في العمق، ما زالت بعض الأعراض كامنة. كأنك غطيت النار بالتراب فقط، ولم تطفئها. الخطأ هنا ليس في الشعور، بل في التسرع في البناء عليه.
كيف كنت أُخدع بالشعور الزائف؟
كنت أعيش أيامًا أظن أنني "تعافيت". تعود الثقة، ويقل القلق، وتخف الأعراض. لكن مع مرور أيام قليلة، تعود الأصوات، أو الشكوك، أو تقلب المزاج. وتبدأ الانتكاسة التي كنت أظن أنني قد غادرتها. وهنا تعلمت أن التحسن الحقيقي يحتاج وقتًا، واستمرارية.
علامات التحسن الحقيقي
- الاستقرار في المزاج لأسابيع طويلة، لا أيام فقط
- التفاعل الطبيعي مع الناس دون إجهاد شديد
- القدرة على أداء المهام اليومية باستقرار
- غياب الأعراض الإيجابية (مثل الهلوسة أو الأوهام)
- استمرار الشعور بالراحة النفسية رغم الضغوط العادية
متى تكون العودة للأعراض انتكاسة فعلية؟
حين تبدأ الأعراض في العودة بشكل متصاعد، واضح، ومستمر، فهي ليست "تعبًا عابرًا"، بل انتكاسة. خصوصًا إن كنت توقفت عن الدواء أو قللت الجرعة مؤخرًا. الأعراض قد تشمل: الأرق، التهيؤ، العزلة المفاجئة، فقدان الشغف، أو عودة الهلاوس والأفكار المضطربة.
الفرق بين الانتكاسة والتحسن الكاذب
التحسن الكاذب | الانتكاسة الحقيقية |
---|---|
شعور بالحيوية المفاجئة | عودة الأعراض بشكل تدريجي ومزعج |
رغبة شديدة في ترك الدواء | تدهور في التواصل أو التفكير |
نشاط زائد ومفاجئ | عزلة وانسحاب اجتماعي ملحوظ |
ماذا أفعل حين أشعر بالتحسن؟
الأفضل دائمًا أن تشارك شعورك مع طبيبك. لا تُغير الدواء أو توقيته أو جرعته بنفسك. بل تحدث عن التحسن، عن مخاوفك من الاستمرار، عن رغبتك في تقليل الجرعة. أحيانًا يكون الشعور بالتحسن هو بداية حقيقية، لكن أحيانًا أخرى هو وهم خطر.
الصبر في العلاج ليس ضعفًا... بل شجاعة
في كل مرة استعجلت فيها الانسحاب من الدواء، دفعت الثمن غاليًا. لكنني تعلمت. تعلمت أن الشفاء لا يُقاس بعدد الأيام دون أعراض، بل بعدد الأشهر التي أعيشها بسلام وثبات. وهذا لا يأتي بالاستعجال، بل بالصبر، والمتابعة الدقيقة.
كل تحسن يستحق أن يُصان... لا أن يُختبر.