قصتي مع الاكتئاب المتبقي من الفصام الوجداني: حين يصبح الحزن ظلّي
لم أكن أعلم أن الاكتئاب يمكن أن يستمر حتى بعد أن تبدأ أعراض الفصام الوجداني في الانحسار. ظننت أنني تجاوزت الأسوأ، وأن الهلوسات والهوس والنوبات المزاجية العنيفة كانت نهاية المعركة. لكني اكتشفت لاحقًا أن هناك مرحلة أخرى، أكثر صمتًا... وأكثر إيلامًا.
الاكتئاب المتبقي: الحزن الذي لا يرحل
ما تبقى بعد العلاج من الفصام الوجداني لم يكن فقط فراغًا، بل اكتئابًا كثيفًا يُثقل الكاهل. شعور دائم بالحزن العميق، فقدان الشغف، وانعدام الأمل. أستيقظ دون رغبة في فعل أي شيء. لا طعام، لا تواصل، لا معنى.
هذا الاكتئاب المتبقي مختلف. لا يُحدث ضجيجًا كالهوس، ولا يظهر على السطح بسهولة كالنوبات الذهانية. إنه أشبه بظلّ خفي، يرافقك بصمت، يطفئ ضوءك شيئًا فشيئًا.
الإحباط وخذلان الآخرين
ما زاد من ألمي، لم يكن فقط المرض، بل نظرات المقربين. أولئك الذين ظننت أنهم سيسندونني، كانوا أول من أخذ خطوة إلى الوراء. بعضهم تجاهلني، وآخرون آذوني بكلماتهم، بنصائحهم السطحية، أو باتهامي بالمبالغة. كم هو مؤلم أن يُعاملك من تحب وكأنك عبء.
خذلان الأصدقاء أمر، ولكن خذلان العائلة أشد قسوة. كنت أبحث عن حضن آمن، فوجدت جدرانًا باردة. كنت أريد أن أُفهم، لكنني قوبلت بالصمت والإنكار.
بين الألم والوعي
ورغم كل هذا، بدأت أدرك شيئًا فشيئًا أن هذا الطريق الذي أمشيه ليس نهاية. أن ما أعيشه جزء من تعافي طويل. لم أعد أنتظر تفهّم الجميع، بل بدأت أبحث عن طمأنينة داخلي. أكتب، أتنفس، أقاوم.
أصبحت واعيًا أن الألم لا يعني الفشل، وأن الاكتئاب المتبقي ليس عارًا بل حالة نفسية تحتاج الصبر والعلاج والدعم.
رسالة إلى من يمرون بما مررت به
إن كنت تمر بشيء مشابه، صدقني، لست وحدك. لا تخجل من ألمك، ولا تتوقف عن طلب المساعدة. قد لا يفهمك الجميع، لكن هناك من سيستمع، من سيقرأ قصتك ويشعر بك.
العزلة ليست نهاية، بل مرحلة. والخذلان ليس كل العالم، بل تجربة. والشفاء ليس وهمًا، بل طريق طويل... لكن ممكن.